اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
117211 مشاهدة print word pdf
line-top
الانتفاع برواية المجهول وسيئ الحفظ والمرسل من الحديث

والمقصود هنا أن تعدد الطرق مع عدم التشعر أو الاتفاق في العادة يوجب العلم بمضمون المنقول، إذا تعددت الطرق مع عدم التشعر، الاجتماع والاتفاق يوجب العلم بمضمون المنقول، لكن هذا يُنتفَع به كثيرا في علم أحوال الناقلين.
يذكرون ذلك في تعريف المتواتر، ويقولون: إن ما رواه عدد كثير تحيل العادة تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهاه، وكان مستند خبرهم الحس؛ فهذا عدد كثير تحيل العادة تواطؤهم على الكذب.
فنحن نقول: إذا كان اثنان متباعدين في البلاد، وروى كل منهما قصة عن صحابي، علم بذلك عدم تواطئهم وعدم اجتماعهم وعدم أخذ هذا عن هذا، يقول: وفي مثل هذا ينتفع برواية المجهول وسيئ الحفظ، وفي الحديث المرسل يعني أنه يرجح بها، فيقال: هذا الحديث روي من طريق، ولكن تأيد بطريق أخرى ولو كان فيها مجهول، ومن طريق أخرى ولو كان فيها راو سيئ الحفظ، وفي طريق ثالثة ولو كان فيها مرسل، فإن هذه يقوي بعضها بعضا، تجدون في كتب الحديث أنهم يقولون: وله طرق متعددة يقوي بعضها بعضا، أو يدل على أن بعضها له أصل.
يقول: ولهذا كان أهل العلم يكتبون مثل هذه الأحاديث، ويقولون: إن هذا يصلح للشواهد والاعتبار، يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره. إذا قرأت مثلا في كتب السنن، وجدتهم يكتبون أحاديث بأسانيد فيها انقطاع أو إرسال أو راو ضعيف، لماذا؟ حتى يتقوى بها الطريق الثاني الذي روي من طريق أخرى غير هذه الطريق، فيكون مرسلا يقوي بعضهما بعضا، أو ضعيفا يقوي بعضهما بعضا، لو علم أن هذا الضعيف ما روى عن هذا الضعيف.
يقول: قال أحمد قد أكتب حديث الرجل لأعتبره، ومثل لهذا بعبد الله بن لهيعة قاضي مصر يعني يكتب الإمام أحمد أحاديثه للاعتبار، الاعتبار هو الاستدلال بذلك على صحة الحديث، يقول: عبد الله بن لهيعة قاضي مصر كان من أكثر الناس حديثا، ومن خيار الناس، وروى عنه كثير من العلماء أحاديث صحيحة؛ ولكن احترقت كتبه ووقع في حديثه المتأخر غلط، فالذين رووا عنه أحاديث قبل أن يختلط يُحتج بهم، والذين رووا عنه أحاديث تفرد بها بعدما احترقت كتبه يتوقف فيهم، إلا إذا رويت من طرق أخرى، يعتبر بذلك ويستشهد به ويتقوى به حديث غيره.
وكثيرا ما يختلف هو والليث بن سعد الفهمي عالم مصر كان يسوى بمالك بن أنس بالمدينة يعني في زمانه كان مالك في المدينة والأوزاعي في الشام والليث في مصر والثوري في العراق أئمة الدنيا في هذا الزمان.
فالليث وابن لهيعة كلاهما في مصر فإذا اتفق أن حديث ابن لهيعة مثل حديث الليث عرف بذلك أن الليث قد حفظ، وأن ابن لهيعة قد حفظ.
يقول: كما أنهم يستشهدون ويعتبرون بالحديث الذي فيه سوء حفظ فإنهم أيضا يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم أنه غلط فيها، في أمور يستدلون بها.
يعني يقبلون أحاديث الرافع لأنها تتقوى بأحاديث أخرى، ويردون كلمات من أحاديث الثقات ويعتقدون أنها خطأ من ذلك الثقة؛ فإن الثقة قد يغلط، يضعفون كثيرا من أحاديث الثقات الصدوقين الضابطين يتبين لهم أنها غلط كيف يستدلون بها؟
يستدلون على الغلط بتتبع طرق الأحاديث، ويسمون هذا علم علل الحديث. وهو من أشرف علومهم، بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه، وغلطه فيه عُرِفَ إما بسبب ظاهر، وإما بسبب خفي. علل الحديث فن مشهور قد ألف فيه ابن المديني رسالة صغيرة اسمها علل الحديث، وألف فيه أيضا الإمام أحمد كتابا مطبوعا اسمه علل الحديث، وتوسع فيه ابن أبي حاتم وألف فيه كتابه الذي في مجلدين فيه أكثر من نحو ثلاثة آلاف حديث، كل حديث يقول: فيه علة، علته كذا وكذا، حتى أحاديث مشهورة يقول: غلط فيها فلان.

line-bottom